في الذكرى الـ50 لحرب أكتوبر.. لماذا ظهر المصريون في أفلام الحرب وهم فاطرون؟
مع كل احتفال بذكرى نصر أكتوبر المجيد، تعرض القنوات المصرية مجموعة من الأفلام التي خلدت هذا الحدث العظيم، وأبرزها أفلام "الرصاصة لا تزال في جيبي، وبدور، والوفاء العظيم".
ورغم قلة عدد تلك الأفلام، بما لا يتناسب مع هذا الانتصار، الذي كان وما زال حديث العالم كله، إلا أنها تحظى بنسبة مشاهدة كبيرة، واهتمام الجيل الحديث، وجيل السوشيال ميديا، والمنصات الرقمية، والذي لفت انتباهه مشهدا قد يكون عابرا بالنسبة لعدد كبير من المشاهدين، لكن مع هذا الجيل المتصيد للأخطاء، المدقق بالتفاصيل، لم يمر مرور الكرام، وهو مشهد تكرر في معظم الأفلام التي تطرقت لحرب أكتوبر المجيدة، والخاص بطريقة استقبال الناس بيان العبور، الذي أعلنته القيادة العامة للقوات المسلحة، حيث اكتشف جيل السوشيال ميديا أن أبطال الفيلم إما أنهم كانوا يأكلون أو يشربون، رغم أن الحرب كانت في نهار اليوم العاشر لشهر رمضان الكريم.
- أسئلة مشروعة واجتهادات مختلفة
بدأت منشورات تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل متزامن مع كل احتفال ذكرى حرب أكتوبر، تستهجن عدم إدراك صناع الأفلام آنذاك بهذه التفصيلة الهامة، وتتساءل كيف مر هذا الأمر بشكل عادي في أكثر من فيلم؟، ومنها فيلم "بدور"، حيث احتفل معلم القهوة "محمد رضا" بمطالبة "صبيه" بتوزيع الشربات على المواطنين عقب سماعه لبيان العبور.
كما ظهر الفنان كمال الشناوي وهو يشرب سيجارة، وبجواره تجلس الفنانة مريم فخر الدين وهي تحتسي الشاي أثناء سماع البيان في فيلم "الوفاء العظيم".
كثيرون اجتهدوا لتبرير هذه المشاهد بشكل منطقي وأحيانا ساخرا، فهناك من رأى في مشهد توزيع "الشربات" فرحة عارمة أنست الناس كل شيء، وآخرون أشاروا إلى أن توقيت عرض البيان كان متزامنا مع وقت آذان المغرب، واجتهادات أخرى، تدل على أن الأمر برمته تحول للغز مستمر مع كل احتفال، والذي نشهد عامه الـ50.
- الحقيقة
الأمر المؤكد أنه لم يكن هناك بيانا واحدا لما حدث في يوم 6 أكتوبر عام 1973، فالقيادة العامة للقوات المسلحة أصدرت 8 بيانات على مدار هذا اليوم، ترصد فيها وجود اشتباكات مع الجانب الإسرائيلي، في ظل ترقب من الجميع ماذا ستسفر عنه هذه الاشتباكات، فبين وقت وآخر يتم إذاعة بيان جديد حتى صدور البيان المرتقب، والذي يحمل رقم 7، وهو ما لم تتعرض له هذه الأفلام والتي اكتفت ببيان العبور العظيم، دون الإشارة لبيانات أخرى، مما خيل للبعض أن بيان العبور تم إعلانه للشعب المصري، في الثانية ظهرا مع اللحظات الأولى للاشتباك بينما الحقيقة غير ذلك.
- بيانات أكتوبر
كل بيانات حرب أكتوبر وبترتيبها الزمني موجود على موقع الهيئة العامة للاستعلامات.
وكانت البداية مع البيان الأول الذي لم يتضمن خبر نجاح مصر في العبور، بل جاء فيه ما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم، قام العدو الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر اليوم بمهاجمة قواتنا بمنطقتي الزعفرانة والسخنة بخليج السويس، بواسطة تشكيلات من قواته الجوية عندما كانت بعض من زوارقه البحرية تقترب من الساحل الغربي للخليج، وتقوم قواتنا حاليًا بالتصدي للقوات المغيرة".
ثم أعقبه البيان الثاني، والذي جاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، ردًا على العدوان الغادر الذي قام به العدو ضد قواتنا في كل من مصر وسوريا يقوم حاليًا بعض من تشكيلاتنا الجوية بقذف قواعد للعدو وأهدافه العسكرية في الأراضي المحتلة".
ومن البيان الثاني حتى الرابع، كانت القيادة العامة لقواتنا المسلحة تكشف عن بعض تفاصيل الاشتباكات المستمرة بين الطرفين.
بيان رقم 3 الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة في 6-10-1973..
"بسم الله الرحمن الرحيم، إلحاقًا للبيان رقم 2، نفذت قواتنا الجوية مهامًا بنجاح وأصابت مواقع العدو إصابات مباشرة وعادت جميع طائراتنا إلى قواعدها سالمة عدا طائرة واحدة".
بيان رقم 4 الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة في 6-10-1973..
"بسم الله الرحمن الرحيم، حاولت قوات معادية الاستيلاء على جزء من أراضينا غرب القناة، وقد تصدت لها قواتنا البرية وقامت بهجوم مضاد ناجح ضدها بعد قصفات مركزة من مدفعيتنا على النقط القوية المعادية، ثم قامت بعض من قواتنا باقتحام قناة السويس مطاردة للعدو إلى الضفة الشرقية في بعض مناطقها وما زال الاشتباك مستمرًا".
إلى أن حان موعد البيان الخامس الذي مهد للخبر العظيم، خبر العبور، وجاء فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، نجحت قواتنا في اقتحام قناة السويس في قطاعات عديدة واستولت على نقط العدو القوية بها ورفع علم مصر على الضفة الشرقية للقناة، كما قامت القوات المسلحة السورية باقتحام مواقع العدو في مواجهتها وحققت نجاحًا مماثلًا في قطاعات مختلفة".
ثم جاء البيان السابع والثامن في هذا اليوم، ليعلن الخبر الذي أثلج قلوب المصريين، والذي جاء فيهما:
"بسم الله الرحمن الرحيم، نجحت قواتنا المسلحة في عبور قناة السويس على طول المواجهة وتم الاستيلاء على منطقة الشاطئ الشرقي للقناة وتواصل قواتنا حاليًا قتالها مع العدو بنجاح، كما قامت قواتنا البحرية بحماية الجانب الأيسر لقواتنا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد قامت بضرب الأهداف الهامة للعدو على الساحل الشمالي لسيناء وإصابتها إصابات مباشرة".
وأخيرا البيان الثامن لهذا اليوم..
"بسم الله الرحمن الرحيم، قام العدو بعد آخر ضوء اليوم بهجمات مضادة بالدبابات والمشاة الميكانيكية ضد قواتنا التي عبرت قناة السويس ومن اتجاهات مختلفة، وقد تمكنت قواتنا من صد جميع هذه الهجمات وتدمير العدو وتكبيده خسائر كبيرة في الأفراد والمعدات، ولا تزالت قواتنا تقاتل بنجاح من مواقعها على الضفة الشرقية للقناة".
