الأحد 27 أبريل 2025 01:35 صـ 27 شوال 1446هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب “اللّين… القوة التي تُشبه المطر”

أخبار مصر 2050

في زمنٍ تتسارع فيه الخطى وتعلو فيه الأصوات، نحتاج أن نتوقف لحظة لنلتفت إلى تلك القوة الهادئة التي طالما غفلنا عنها… اللين.

سلامٌ على كل إنسانٍ ليِّن: صادقٍ حين يُحب، هَيِّنٍ حين يخاصم، رفيقٍ في الشدة، رقيقٍ في النصيحة، لا يشقى في صحبته أحد. هؤلاء هم بلسَم الحياة ونعمتها، أولئك الذين كلما اقتربتَ منهم شعرتَ بالسلام لا بالتوتر، بالراحة لا بالرهبة، بالأمان لا بالحسابات.

اللّين ليس ضعفًا… بل هو أقوى أشكال الشجاعة

اللّين لا يعني التهاون، ولا أن تكون شخصًا سهل الانقياد أو ساذجًا يُخدع بسهولة. اللّين هو أن تعرف متى تصمت بحكمة، ومتى تتكلم بلطف، ومتى تقول “لا” دون أن تجرح. هو أن لا تترك حقك، لكن أن تسترده بأسلوب راقٍ. هو القوة التي لا تتحدث بصوتٍ عالٍ، لكنها تصل إلى من أمامك دون عنف أو قسوة.

ربما في عالمنا اليوم، ينظر البعض إلى الرقة والهدوء على أنها ضعف أو هروب، لكن الحقيقة عكس ذلك تمامًا. من يستطيع أن يظل هادئًا وسط العاصفة… هو الأقوى حقًا.

“اللّين في الكلام يكسبك المحبة…”

قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
“اللّين في الكلام يكسبك المحبة، والتواضع في التعامل يكسبك القلوب، والاحترام في الحديث يكسبك المهابة.”

وهو تلخيص لحياة كثيرٍ من الناس الذين يمرون بنا كنسمةٍ خفيفة، لكن تأثيرهم يظل محفورًا فينا لسنين. فالكلمة الطيبة تعيش… والتعامل الإنساني يربي ويُغير أكثر من ألف نصيحة تُقال بحدة.

في البيوت… اللّين يبني أجيالًا

من قال إن التربية لا تكون إلا بالأوامر والنواهي فقط؟
الطفل حين ينشأ في بيئة يسودها الاحترام واللّين، يخرج واثقًا بنفسه، يشعر أن صوته مسموع، فيتعلم كيف يُعبّر عن مشاعره دون صراخ، كيف يقول “أنا حزين” بدلًا من أن يبكي أو يضرب.

التربية باللين ليست ترفًا… بل حاجة حقيقية. فالذي ينشأ في حضنٍ آمن، لن يبحث عن حضنٍ زائف في الخارج. وليس المقصود أن نتركهم دون توجيه، بل نوجههم… ولكن بحُب.

في العمل… المدير الهادئ هو القائد الحقيقي

المدير الذي يحتوي موظفيه، يستمع إليهم، ويُوجههم دون أن يكسرهم… هو من يُحترم ويُعمل لأجله، لا من أجل الراتب فقط. الحزم ليس دائمًا بالصوت العالي… بل أحيانًا يكون في هدوء، وابتسامة، ونظرة فيها تفهُّم.

وحتى في الخلافات… اللّين ليس استسلامًا

أتعرف الشخص الذي، حين تختلف معه، لا يُسيء إليك في الكلام؟ الذي يعرف كيف يقول “أنا غاضب” بدلًا من أن يشتم؟ الذي يستطيع أن يبتعد دون أن يهدم كل شيء خلفه؟
هذا ليس ضعيفًا… بل راقٍ.

اللّين… ليس مجرد خُلق، بل أسلوب حياة

في وقتٍ انشغل فيه الناس بالرد، بالسخرية، بالهجوم… لنتخذ نحن طريقًا مختلفًا.
لنتحدث بعقل… نُربي بحب… نعمل بتفهُّم… وحين نترك أثرًا، فليكن طيبًا.

سلامٌ على كلِّ ليِّن

سلام على من لا يُؤذي الناس بكلماته، على من يحترم مشاعر غيره حتى وهو غاضب.
سلام على من إذا نصحك، جعلك تشعر بالقوة لا بالضعف.
سلام على من قلبه كبير، لا لأنه متساهل، بل لأنه حكيم.

اللّين ليس موضة ولا طيبة زائدة…
اللّين هو فنُّ التعامل مع الحياة،
وهو القوة التي تُغير الناس كما يفعل المطر… بهدوء… ولكن بعمق.

مواقيت الصلاة

الأحد 01:35 صـ
27 شوال 1446 هـ 27 أبريل 2025 م
مصر
الفجر 03:42
الشروق 05:16
الظهر 11:53
العصر 15:29
المغرب 18:30
العشاء 19:53