الحوار الوطنى يبدأ
عمرو هشام ربيعإذا ما سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن جلسات الحوار الوطنى بين القوى السياسية المختلفة والذى طال انتظاره ستبدأ خلال ايام. أول أمس كان الإعلان عن افتتاح الحوار، بمؤتمر كبير دشن فيه بداية مرحلة جديدة بعد الانتهاء من عملية التنظيم.
الحوار كما هو معروف يتألف من ثلاثة محاور، سياسى واقتصادى ومجتمعى، وداخل تلك المحاور تم تأليف 19 لجنة، كل لجنة تعنى بموضوع عام، وداخلها رءوس موضوعات تتصل بشكل مباشر بالقضية التى تعنى بها اللجنة، ويبلغ عددها نحو 113 موضوعا فرعيا.
فى الشكل أيضا يفترض أن تنتهى تلك المحاور أعمالها فى غضون الأشهر القليلة القادمة، وذلك قبل أن تنشغل مصر بحدث كبير متصل بالاستعداد لانتخابات الرئاسة 2024.
واحد من الأمور الأكثر أهمية هو مخرجات الحوار، بالطبع سيكون الأمر متصلا بكيفية الإخراج. فإذا كان الموضوع يضمن العديد من وجهات النظر، فإنه سيحمل سيناريوهات وبدائل للحركة، وهو بالطبع أمر غير محمود وغير مراد الوصول إليه، لأننا سنكون بمثابة محلك سر، لأننا لم نصل لحلول جذرية لأمور عضال، فكانت النتيجة السير على ذات الدرب المرتبك.
وعلى العكس ستكون الأمور أكثر يسرا، بمخرجات حسمت من خلال التوافق فى الآراء بين المشاركين فى القضية محل البحث، من خلال التركيز على أمور إجرائية وتفصيلية تتضمن إجراءات عملية للخروج من المأزق الراهن.
المؤكد أن المخرجات المتوافق عليها ستخرج بنا فى شكل قرارات، قابلة للتنفيذ، وهنا لا يحبذ البعض بعد هذا المدى الزمنى الذى استغرقه الإعداد للحوار، أن تسمى المخرجات بمقترحات أو توصيات، لأن راعى الحوار ذاته، وهو رئيس الدولة لا يرغب فى أن تكون المخرجات قابلة للنقاش والمداولة مرة أخرى، لذلك فهى أقرب لقرارات للتنفيذ، عن أن تكون توصيات.
بالطبع كل المخرجات لن تكون سريعة التنفيذ لعدة أسباب. أولا من حيث الشكل، فكما أن بعض تلك القرارات يتطلب أن تصدر فى شكل مراسيم تنفيذية من قبل رئيس الجمهورية أو قرارات من قبل مجلس الوزراء أو الوزراء، فإن بعضها الآخر يتطلب له سن قوانين من قبل مجلس النواب. هذا الأمر يتوقف حسب القرارات الصادرة عن الحوار، والتى سيكون طريقها للتنفيذ سهلا من خلال قرارات تنفيذية، أو يحتاج إلى سن تشريعات جديدة أو تعديل أخرى سارية.
ثانيا، أن بعض تلك المخرجات سيكون من السهولة بمكان لكونه غير مكلف ماديا، بينما البعض الآخر سيأخذ بعض الوقت فى التنفيذ لكون الدولة ستتحمل بشأن تنفيذه العديد من الأمور المالية، ما يجعل هناك بعض الوقت فى التنفيذ. بعبارة أخرى، هناك أمور متصلة مثلا بقانون الانتخاب، أو بالحبس الاحتياطى أو الحريات العامة، وهى أمور لا تحتاج إلا إلى نوايا طيبة، وتلك الأمور لن تكلف الدولة ماديا، ومن ثم فإن صدورها سيكون أسرع بكثير من الأمور المتصلة على وجه الخصوص بالشأنين الاقتصادى أو المجتمعى، كالأجور والمعاشات والتضخم والأسعار والعدالة الاجتماعية، وتلك الأمور ستتطلب مخصصات مالية، ومن ثم ستأخذ بعض الوقت مقارنة بغيرها.
ثالثا، أن هناك بعض المخرجات التى يرتبط البعض بها بالشأن المحلى، وهذه سهلة التحرك وحسم المواقف بشأنها، مقارنة بأمور مقابلة ستأخذ بعض الوقت فى التنفيذ من أجل ارتباطها بالخارج. خذ مثلا قضايا التعليم وما يرتبط به من إتاحة مقعد لكل تلميذ، أو الأمور المرتبطة بالمنهج أو المبنى أو المعلم، كلها شأن داخلى لن تكون هناك صعوبة فى تنفيذ ما جاء بشأنه من مخرجات، مقارنة بأمور متصلة بالاستثمار الأجنبى، أو الدين الخارجى، أو الرى ومياه النيل...إلخ. وكلها أمور ذات بعد خارجى ومن ثم فستأخذ بعض الوقت فى تنفيذها لكونها مرتبطة بالعلاقات الخارجية مع كيانات ونظم سياسية أخرى.
المهم فى كل ما تقدم هو أن الحوار بدأ، وأن على القائمين والمهتمين به تسهيل عمله من خلال مد المشاركين به على اختلاف أطيافهم بالمعلومات الضرورية الكفيلة بإنجاح المخرجات. والأمر الثانى المهم، هو أن تتعاون مؤسسات الدولة المختلفة فى تنفيذ المخرجات، وهنا يهمس الكثيرون فى أذن المشرعين كى يقوموا بدورهم فى سرعة إنجاز التشريعات التى ستعبر عن تلك المخرجات، وهو إجراء سيتم بالطبع بعد دفع الحكومة مشروعات قوانين تعبر عن تلك المخرجات إلى البرلمان، وبحيث تعبر القوانين الجديدة عما اتفق وتوافقت الآراء حوله. هنا سيكون الحوار قد أنجز مهامه، وتكون البلاد قد انتقلت خطوة كبيرة إلى الأمام بجهود أبنائها المخلصين الذين عبروا بصدق عن مواقف صارت فى طور التنفيذ، وكان لهم بذلك الشراكة فى الحكم والسلطة وإدارة شئون بلادهم بأنفسهم.