الخميس 26 ديسمبر 2024 12:28 مـ 24 جمادى آخر 1446هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

الثقافة.. البيئة الحاضنة للسلوكيات

أخبار مصر 2050

دار حديث فى أحد البرامج التليفزيونية حول الأساليب التى يتبعها البعض فى الخداع عندما يتقمصون أدوراً ليست لهم، كأن يتقمص دور الضابط أو الطبيب أو أى دور آخر من أدوار المسئولية الرسمية؛ وتطرق الحديث فى تفاصيله إلى ظواهر منحرفة أخرى مثل ادعاء القرابة أو الصداقة مع ذوى السلطة، مع ما يصاحب ذلك أحياناً من محاولات للخداع والتضليل. ولقد حاولت أن أقدم تفسيراً مختلفاً لهذا النمط من السلوك، وكيفية تصديق الناس له وسيرهم فى مساراته المنحرفة، رغم سقوط بعض من يمارسونه فى أيدى العدالة. ولقد آثرت تفصيل الحديث فى هذا الموضوع لأهميته فى حياتنا المعاصرة، ونحن نؤسس لمجتمع جديد يحاول أن ينفض الغبار الذى قد يشوب ممارساتنا، وذلك عبر فهم (ونقد) طبيعة الثقافة الحديثة التى تؤسس لها الطبقة الوسطى؛ وهذا هو بيت القصيد فى الدخول إلى الموضوع، وهو فهم هذه الظواهر فى ضوء ثقافة تجذرت عبر فترة طويلة من تاريخ مصر؛ وهى تتعلق بالأهمية الكبيرة التى يضفيها البشر على السلطة، وإحاطتها بصور من الخطاب والممارسات التى تجعل من حامل السلطة (أياً كانت درجتها) مركزاً لإرسال رسائل التباعد والترفع، أو فى بعض الأحيان رسائل القهر والتخويف التى تضمر داخلها أشكالاً من العنف الرمزي. ويعمد البعض من حاملى السلطة – عبر هذا الظرف التباعدى – الى أن يقدموا الوعود، وإن لم تتحقق، وأن يتحدثوا كثيراً عن السلطة وأصحابها، أو عن القرارات التى اتخذوها، أو المساعدات التى قدموها للناس.

ومن شأن ذلك أن يؤسس لثقافة ما تلبث أن تنتشر وتتمحور حول موضوع أساسى مفاده أن القريب من صاحب السلطة يكون أكثر قوة من البعيد عنه، وأن الشخص الأقرب من السلطة هو القادر على أن يقدم الخدمات. وقد ساعد على انتشار هذه الثقافة طبيعة التعقيد البيروقراطى الذى يواجه الشخص الذى يتعامل مع دوائر السلطة الإدارية، وأشكال الفساد التى تنتشر بسبب سوء استخدام السلطة. وتذهب هذه الثقافة فى أقصى درجاتها إلى وجود شبه قناعة عند الكثير من بسطاء الناس بأن لا شيء يمكن تحقيقه إلا عبر الواسطة والمحسوبية ، وهذا هو الذى يجعلهم يصدقون اشكال الخداع المختلفة. وهنا نصل إلى الفكرة التى نجادل بطرحها وهى أن هذه الثقافة هى البيئة الحاضنة للسلوكيات التى تحاول أن تلبس ثوب السلطة أو تتدعى التقرب منها لتحقيق مآرب فى خداع الأفراد واستغلالهم.

ونحن لا نستطيع أن نفهم هذا الموضوع حق فهمه إلا إذا تصورنا الحالة المعاكسة أو المغايرة. سوف أحاول صياغة هذه الحالة المغايرة بشكل مثالى كالآتي: أن يسلك الأفراد حاملو السلطة كمواطنين عاديين (يأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق)، وألا يظهروا أى شكل من أشكال التعالى أو التباعد، وألا يقدموا أنفسهم على أنهم أصحاب جاه ونفوذ، ولا يجرجرون وراءهم الأدنى منهم مكانة، وألا يقدموا وعوداً أياً كان نوعها، وأن يشكلوا فى أدائهم المهنى سلوكاً شفافاً يعرف مبدأ تضارب المصالح وينفذه على أرض الواقع؛ وأن يقدموا أنفسهم فى مهنهم على أنهم خدام للشعب وسند لمصالحه وأهدافه العليا. وأحسب أن معظم هذه الخصال التى يخولها هذا النموذج المثالى لصاحب السلطة مؤسسة فى قوانين أو لوائح. ولكن الواقع الفعلى للممارسات يكشف عن صورة مغايرة يمكن أن نعرض لبعض ملامحها من خلال مشاهدات واقعية. من أول هذه الملامح ما يحدث للأفراد العاديين بعد أن يتقلدوا سلطة معينة فى المستويات القيادية الخدمية أو المهنية. تكاد السلطة تقلب بعض الأشخاص رأساً على عقب، فيبدو الواحد منهم وقد اتسعت خطاه فيجرى ويسبق الناس، ويتقبل نفاقهم بصدر رحب، ويقرب بعضهم إليه ويبعد آخرين... إلخ. ومن الملامح الأخرى ما يلجأ إليه البعض من وضع طقوس خاصة للاستقبال كل صباح وللوداع كل مساء، ومنها أيضاً ما يقوم به البعض من الحرص على أن يكون فى معيتهم أفراد آخرون من أتباعهم أو مرءوسيهم، وقد يصر بعضهم على إعطاء ما بيديه إلى هؤلاء لحمله نيابة عنه، ومشاهد أخرى كثيرة تستحق أن نرصدها، ولكن فى سياق آخر. وإذا ما قارنا بين الصورة المثالية وهذه الصور الواقعية نجد أن تلك الأخيرة هى التى نألفها ونتعايش معها إلى درجة أن تتحول السلطة فيها إلى ضرب من الإدمان. ولاشك أن تكرار هذه الممارسات واستمرارها وعدم وجود قوة لمنعها تجعلها تتحول إلى ثقافة يتعلمها الصغار ويحلمون بها، فهم يتعلمونها بالمشاهدة وعبر ما يسمعونه من خطابات يومية تحكى بطولات عن هذا الذى فعل كذا، وذاك الذى قام بكذا، والثالث الذى حقق كذا وكذا. وقد يرفع أحد القراء هنا يده اعتراضا بالقول بأن أمر السلطة هذا هو أمر تاريخي، وأننا لو رجعنا إلى تاريخ الفراعنة لوجدنا بعض هذه الممارسات لحاملى السلطة، كما أن التاريخ المصرى برمته كان تاريخ استعراض وتعسف فى استخدام السلطة من قبل الحكام الغرباء الذين حكموا مصر عبر تطور التاريخ. ولاشك أن هذا الاعتراض صحيح فى مجمله، ولكن الأمر الذى ينشغل به هذا المقال هو أن الحداثة التى جاءت بها النخب المتتابعة فى الزمن الحديث (سواء كانت نخباً سياسية أو مدنية) لم تستطع أن تتقدم نحو النموذج المثالي، بل إنها عملت على إعادة إنتاجه بصور مستحدثة ومبتكرة، بحيث نجد أن الممارسات المتراكمة عبر الزمن تعمل على تضخيم الأمر وتوسيع نطاقه.وأعود فى نهاية المقال إلى تأكيد ما بدأت به؛ وهو أن هذه البيئة الثقافية، وهذه الحداثة البرانية التى تنتجها الطبقة الوسطى ونخبها الاجتماعية والمدنية والمهنية، هى التى تخلق هذه الشظايا الانحرافية التى تدفع الناس نحو الخداع بالسلطة أو لبس رداء السلطة بشكل زائف. ولا أظن أن الخطورة تكمن فى هذه الشظايا الانحرافية، وإنما تكمن فى جوهر الثقافة التى تنتجها، إن الخطر فى داخلنا وبيننا نحن أبناء الطبقة الوسطى. وإذا كنا بصدد تأسيس مجتمع جديد ومستقبل جديد لهذا الوطن فإننا بحاجة ملحة إلى أن نغير هذه الثقافة وأن نقتلعها من جذورها، . ولا يتحقق ذلك بالكلام، وإنما يتحقق من خلال ممارسات مدنية تتفق مع المبادئ الإنسانية العامة ومع الأطر القانونية وتتوافق مع مبادئ العدل والمساواة.

أسعار الذهب

متوسط سعر الذهب اليوم بالصاغة بالجنيه المصري
الوحدة والعيار الأسعار بالجنيه المصري
عيار 24 بيع 2,549 شراء 2,571
عيار 22 بيع 2,336 شراء 2,357
عيار 21 بيع 2,230 شراء 2,250
عيار 18 بيع 1,911 شراء 1,929
الاونصة بيع 79,261 شراء 79,971
الجنيه الذهب بيع 17,840 شراء 18,000
الكيلو بيع 2,548,571 شراء 2,571,429
سعر الذهب بمحلات الصاغة تختلف بين منطقة وأخرى

مواقيت الصلاة

الخميس 12:28 مـ
24 جمادى آخر 1446 هـ 26 ديسمبر 2024 م
مصر
الفجر 05:16
الشروق 06:49
الظهر 11:56
العصر 14:44
المغرب 17:02
العشاء 18:25