الإثنين 21 أبريل 2025 03:41 مـ 22 شوال 1446هـ
أخبار مصر 2050
  • رئيس التحرير التنفيذي مها الوكيل
  • مستشار التحرير د. عبد الرحمن هاشم
المقالات

اشرف محمدين يكتب :الزواج الجزئي بعد الأربعين: بين نُضج الحب والهروب من الملل

أخبار مصر 2050

الزواج الجزئي بعد الأربعين: بين نُضج الحب والهروب من الملل

في مجتمعاتنا التي لا تزال تحتكم إلى مفاهيم تقليدية حول الزواج والعلاقات الإنسانية، تبرز من وقتٍ لآخر أفكار جريئة تتحدى المألوف، وتفتح بابًا واسعًا للنقاش والتأمل. ومن بين هذه الأفكار التي بدأت تلوح في أفق العلاقات الناضجة، تلك التي تتعلق بـ الزواج “الجزئي” أو “part-time” حيث أنه بدأ ينتشر خاصة في مرحلة عمرية بعد سن الأربعين، كصيغة مرنة ومتصالحة مع متغيرات العمر والظروف الاجتماعية.

فما هو هذا الزواج؟ ولماذا يُطرح تحديدًا في هذه المرحلة العمرية؟ وهل هو شكلٌ من أشكال الحب الناضج؟ أم مجرد محاولة لتفادي أعباء الزواج التقليدي؟

حين تتغير الأولويات بعد الأربعين

في هذه المرحلة من الحياة، يكون الإنسان قد خاض تجارب كثيرة، وأدرك جيدًا معنى الاستقرار النفسي وأهمية الخصوصية، وربما يكون قد أنجز الكثير في مجال العمل أو انتهى من مسؤوليات أسرية كبرى، أو خرج لتوه من تجربة زواج لم تُكلل بالنجاح.
وهنا لا يعود يبحث عن تأسيس “منزل وأسرة” بالمفهوم التقليدي، بقدر ما يتطلع إلى علاقة راقية، تشبه الميناء الهادئ الذي يُلقي فيه القلب مرساته، دون ضوضاء أو التزامات ثقيلة.

مفهوم الزواج الجزئي: شراكة عاطفية برضا الطرفين

الزواج الجزئي لا يعني بالضرورة علاقة غير مكتملة، بل على العكس، هو زواج شرعي ومعلن ومبني على التفاهم والصدق، لكن بطبيعة مختلفة عن الزواج التقليدي.
يلتقي فيه الشريكان في أوقات محددة، يحتفظ كل منهما بمساحته الشخصية وحياته المستقلة، ويتشاركان الونس، والمشاعر، والدعم النفسي، دون أن يصبح أحدهما عبئًا على الآخر.

هو زواج لا يُرهق الطرفين بتفاصيل المعيشة اليومية، ولا يُطفئ الشغف بمرور الوقت، بل يبقي على عنصر الحنين، والتجدد، والاشتياق، ويترك لكل طرف فسحة للتنفس، مما يُساعد على تفادي كثير من مشكلات الملل والروتين التي تقتل العلاقات.

الحب الناضج لا يحتاج ضجيجًا

هذا النوع من الزواج يناسب من يبحث عن الحب الهادئ، الناضج، الواعي، القائم على الرفقة لا التملك، وعلى الاحترام لا السيطرة.
وهو يُناسب أيضًا من لا يرغب أو لا يستطيع الانخراط مجددًا في حياة زوجية كاملة بأعبائها، سواء بسبب ارتباطات ماضية، أو طبيعة عمله، أو رغبته في الحفاظ على نمط حياة مستقل، دون أن يُحرم من شريك روحي يقاسمه الحياة بجمالها وتحدياتها. اماً الأهم فهذا الشكل من الزواج يعتبر اقوي علاج لمرض الملل الزوجي الذي غالبا ما يضرب الشغف و الشوق بين الأزواج بعد عدد سنوات زواج تقليدي

نظرة المجتمع… هل نحن مستعدون؟

لا شك أن طرح فكرة مثل “الزواج الجزئي” قد يُقابل بتحفظات من قطاعات واسعة من المجتمع، خاصة في ظل التصورات النمطية عن الزواج.
لكن التجارب أثبتت أن الكثير من العلاقات التقليدية تنهار تحت وطأة الضغوط، وأن احتياج الإنسان في النهاية هو إلى علاقة تُشبهه، تفهم ظروفه وتقدّر مشاعره، لا علاقة ترضي المجتمع فقط.

وهنا يأتي دور التوعية والإعلام في كسر الصور النمطية، وطرح نماذج واقعية وملهمة لعلاقات نجحت خارج الأطر التقليدية، وحققت للطرفين سعادة حقيقية.

وماذا عن رأي الدين؟

من زاوية شرعية، الزواج في الإسلام يقوم على العقد والإشهار والمعاشرة بالمعروف. ولا يوجد ما يمنع أن يكون نمط الحياة بين الزوجين متفقًا عليه، طالما يقوم على التراضي والاحترام.
المقصد الأسمى للزواج هو السكن والمودة والرحمة، وهي مقاصد لا تُشترط بصيغة معينة طالما لم تُخالف جوهر العلاقة الشرعية.

و هناك أمثلة كثيرة من الواقع

الواقع مليء بنماذج لأشخاص وجدوا في هذا النمط من الزواج ضالتهم.
تقول إحدى السيدات: “بعد تجربة زواج طويلة ومُرهقة، كنت أحتاج إلى علاقة حقيقية لا علاقة اجتماعية. الزواج الجزئي منحني حبًا صادقًا ومساحة آمنة للراحة.”
ويقول أحد الرجال: “أردت شريكة حياة تفهم طبيعة وقتي وانشغالي، دون أن تشعر بالإهمال. ووجدنا معًا صيغة ترضينا نحن الاثنين دون ضغط أو شعور بالذنب.”

ختامًا: بين الحُب والحرية

الزواج الجزئي بعد الأربعين ليس بديلًا رومانسيًا ولا رفاهية نفسية، بل هو محاولة صادقة لتكييف العلاقة الإنسانية مع واقع جديد.
قد لا يناسب الجميع، لكنه يُمثل خيارًا واقعيًا وأنيقًا لمن يبحثون عن شريك يشبههم في النُضج، لا في الأعمار فقط، بل في الوعي والاحتياج والاحترام المتبادل.

إنه زواج “يُبنى على الفهم”، لا على التوقعات. “يُدار بالمشاعر”، لا بالإجبار.
ولعل أعذب أنواع الحب هو ذاك الذي لا يُقيدنا، بل يُكملنا.و في النهاية فالسعادة نسبية و لكل منا وجهة نظر فيما يسعده فافعل ما يسعدك طالما لا تغضب الله

مواقيت الصلاة

الإثنين 03:41 مـ
22 شوال 1446 هـ 21 أبريل 2025 م
مصر
الفجر 03:50
الشروق 05:22
الظهر 11:54
العصر 15:30
المغرب 18:26
العشاء 19:48