الرياح من ورائهم وأكل العيش أمامهم.. حكاية 3 عمال مع العاصفة الترابية


تركت العاصفة الترابية في سماء القاهرة يوم الأربعاء الماضي، أثرها على أحمد بائع البطاطا، ذلك الشاب العشريني الذي خرج في صباح هذا اليوم العصيب، ليلتمس رزقه على ناصية شارع عبد الرحيم باشا صبري بحي الدقي الراقي، أملاً في بضع جنيهات يستعين بها على نوائب الدهر، ويسد بها ثمن البطاطا لصاحب العمل.
غير أن خطط أحمد تهاوت أمام العاصفة التي أدت إلى تلف البطاطا " بعد ما سخنت البطاطا، بقت كلها تراب، استعوضت ربنا فيها و رميتها في الزبالة"، صار أحمد مديناً لمالك البضاعة بـ 200 جينه "قلت لنفسي مش هبيع بضاعة مغشوشة وربنا يعوضني".
ما فعله أحمد قوبل برد فعل غاضبة من صاحب العمل "قالي إنت بترمي البطاطا ليه؟"، التقط أحمد أنفاسه وحاول تبرير ما فعل بسبب العاصفة الترابية التي أضرت بالبطاطا، و عزف الناس عن الشراء في ذلك الوقت " قلت له ليك عندي 200 جنيه، وربنا يقدرني على السداد".
شهدت القاهرة يوم الأربعاء الماضي، انخفاضاً في درجات الحرارة، مصحوبة برياح محملة بالأتربة، أدت إلى اصفرار الجو وغياب الشمس عن سطوعها. نصح خبراء الأرصاد المواطنين بتوخي الحذر وعدم التعرض للشارع، سيما مرضى حساسية الصدر والجيوب الأنفية.
اقرأ أيضاً
الأرصاد تحذر: العاصفة تصل سيناء ومدن القناة.. وارتفاع الأمواج 5 أمتار
مصرع سائق توك توك إثر سقوط شجرة عليه بسبب الرياح فى السنطة بالغربية
لاعبو الأهلى يتحدون العاصفة الترابية ويخوضون تدريبات على ملعب التتش.. صور
رغم العاصفة الترابية.. انتظام رحلات مصر للطيران وإقلاع 36 رحلة جوية
”الأرصاد الجوية”: درجات الحرارة ستنخفض خلال طقس اليوم عن الأمس
تحذير من السباحة في شواطئ عدن بموسم الرياح
لا يهتم أحمد بمتابعة الأخبار "سمعت عن العاصفة وأنا خارج الصبح"، لا يملك خيار ملازمة البيت يوم العاصفة " أنا راجل رزقي يوم بيوم ولو قعدت هعمل إيه؟". يتساءل أحمد وهو يأمل أن يجد في اليوم التالي للعاصفة نصيباً من سعة الرزق يعوضه عن اليوم السابق.
مثل أحمد، كان بكر الخطيب بائع مستلزمات يدوية منزلية، يقف بالقرب من محطة مترو الدقي، ينتظر "كرم ربنا" بعد يوم العاصفة، يقول بكر لـ الشروق " الوضع يوم الأربعاء كان صعب جداً، وأنا غصب عني كل يوم لازم اشتغل عشان بيتي وعيالي، وعشمان في ربنا يعوضني النهارده".
صباح يوم العاصفة، تفاجأ بكر بالرياح والأتربة الشديدة " مكنتش أعرف أنها هتكون شديدة للدرجة دي، ولولا الظروف الصعبة مكنتش نزلت". مع ذلك تأثرت بضاعة بكر بالأتربة " كل شوية انفضها"، لكنه لم يتمالك نفسه أمام وطأة الرياح الشديدة " في العادة بخلص شغلي الساعة 10 بالليل، لكن يوم الأربعاء قلت مش هكمل ولميت بضاعتي الساعة 3 العصر".
أوضاع العمالة غير المنتظمة والمتجولة تكفلها وثائق التأمين على الحياة التي أصدرتها وزارة القوى العاملة في نوفمبر الماضي، حسبما أكدت النائبة سولاف درويش عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب في تصريحات لـ الشروق، مضيفة أن العمالة المتجولة وغير المنتظمة لا يشملها قانون خاص، وإنما هي تقع تحت مظلة مجموعة من الإجراءات الحمائية التي أعلنت عنها الحكومة والرئيس عبد الفتاح السيسي في وقتٍ سابق.
وقالت إن العمالة المتجولة غير متعاقدة أصلاً مع الدولة، ومع ذلك فإن محمية بموجب المبادرات الاجتماعية مثل تكافل وكرامة التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى وثيقة تأمين الحياة، والتأمينات الاجتماعية لفئة العمالة غير المنتظمة.
وحسب الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، فإن عمال التراحيل، ومحفظي القرآن الكريم وقرائه، والمرتلين والقيمة وغيرهم من خدام الكنيسة، وخدم المنازل ومن فى حكمهم الذين يعملون داخل المنازل، وصغار المشتغلين لحساب أنفسهم كالباعة الجائلين ومنادي السيارات وماسحي الأحذية المتجولين، وغيرهم من الفئات المماثلة والحرفيين، هم من العمالة غير المنتظمة، ويشترط لحصولهم على التأمين التقدم إلى مكتب التأمينات الذي يقع في دائرة البائع لمعرفة الأوراق المطلوبة والتي تدور حول صورة شهادة ميلاد مميكنة وصورة بطاقة الرقم القومي ونموذج طلب للاشتراك.
أما وثيقة تأمين الحياة التي أصدرتها وزارة القوى العاملة والهجرة في نوفمبر الماضي، بمبلغ 100 ألف جنيه، جاءت لتغطي حالات العجز الكلي والجزئي والوفاة لفئة العمالة غير المنتظمة، وتستهدف التكفل بأسر العمالة في حال توفي العائل أو أصيب بعجز كلي.
وأضافت النائبة سولاف درويش، مثل هذه الوثائق صدرت على أساس أن هذه الفئة ليس لها مظلة حمائية، مضيفة أن هناك فرق بين هذه الفئة وبين العمالة غير المنتظمة العاملة مع الشركات، والتي لها مميزات في قانون العمل الجديد الجاري العمل على إصداره.
لا يختلف حال أحمد عامل توصيل الطلبات بإحدى المطاعم الشهيرة عن حال كلاً من بكر وأحمد، فقد تسببت العاصفة الترابية في توقفه عن العمل أثناء اليوم " التراب عمى وشي، والطلب في اليوم ده كان قليل"، تأثر أحمد بانخفاض الطلب على المطعم فقرر التوقف حفاظاً على صحته وسلامة الدراجة البخارية التي يقودها " صحتي أهم حاجة وصاحب المحل ميقدرش يجبرني إني اشتغل في ظرف زي كده".