بعد دعوة شيخ الأزهر لإحيائه.. حق «الكد والسعاية» يمنح الزوجة العاملة هذه الحقوق.. وحالة واحدة تمنع تطبيقه


في ظل المستجدات العصرية التي أوجبت على المرأة النزول إلى سوق العمل ومشاركة زوجها أعباء الحياة، دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، إلى ضرورة إحياء "حق الكد والسعاية"، من التراث الإسلامي، لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلك تبذل جهدا في تنمية ثروة زوجها، فالشريعة الإسلامية حريصة على صون حقوق المرأة وكفالة كل ما من شأنه يحفظ كرامتها.
كما شدد شيخ الأزهر، على أن الحياة الزوجية لا تبني على الحقوق والواجبات ولكن على الود والمحبة والمواقف التي يساند الزوج فيها زوجته وتكون الزوجة فيها سندا لزوجها، لبناء أسرة صالحة وقادرة على البناء والإسهام في رقي وتقدم مجتمعها، وتربية أجيال قادرة على البذل والعطاء.
ما هو "حق الكد والسعاية" للمرأة العاملة؟
مصطلح حق الكد والسعاية، هو مصطلح ذكر في التراث الإسلامي لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا كبيرا في تنمية ثروة زوجها سواء كان بعملها أو ببنائها منزلا لأسرتها أو من المشاركة في العمل، أو ذمة مالية قديمة قبل الزواج شاركت بها زوجها، ولأن الإسلام من شأنه حفظ الحقوق لا سيما حق المرأة وكرامتها، فكان من شأن المشرع أن يحفظ ذلك الحق.
ومسألة الكد والسعاية في الإسلام لها وجهان: وجه أصولي ووجه فقهي، خاصة لدى فقهاء المالكية.
اقرأ أيضاً
برلمانية: مشروع قانون العمل الجديد مظلة لحماية المرأة العاملة
شيخ الأزهر يهنئ المستشار بولس فهمى لتعينه رئيسا للمحكمة الدستورية العليا
حساب دار الإفتاء عبر «فيس بوك»: «الرجال لا يضربون النساء»
محافظ أسيوط يناقش أوضاع تقنين أراضى الدولة ويوجه بتكثيف حملات الإزالة
فتوى مجلس الدولة تلزم الأزهر الشريف بدفع 100 ألف جنيه للتأمين الصحى
فتوى مجلس الدولة تلزم الأزهر الشريف بدفع 100 ألف جنيه للتأمين الصحى
«من علامات الساعة».. عالم أزهري يعلق على ادعاء شخص للنبوة
أستاذ التفسير: الجماعات المتشددة أفرزت مفاهيم مغلوطة عن الإسلام يصححها الأزهر
الشيوخ: إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة حال استخدامه 100 عاملة
الإمام الأكبر: الأزهر حريص على مواكبة تكنولوجيا العصر وخاصة فى مجال التعليم
البابا تواضروس يوجه الشكر لشيخ الأزهر والرئيس السابق ورئيس الوزراء لتقديم التهنئة بعيد الميلاد
الأزهر للفتوى: اتهام الناس بالباطل والبهتان جريمة لا إنسانية خبيثة
ويعود حق الكد والسعاية في التراث الإسلامي إلى اجتهاد قام به عمر بن الخطاب الخليفة الثاني لسيدنا محمد، عندما جاءته سيدة تدعي "حبيبة بن زريق" تحكّمه في قضية ميراث من زوجها عمر بن الحارث، حيث كان يتاجر فيما تنتجه وتصلحه من عملها في الطرازة، واكتسبا من ذلك مالا وفيرا، فلما مات زوجها ترك مالا وعقارا وتسلم أولياؤه الخزائن، فنازعتهم الزوجة في ذلك، وحين اختصموا إلى عمر بن الخطاب قضى للمرأة بنصف المال وبالإرث في النصف الباقي.
واعتبر الزوجة كانت شريكة لزوجها في الربح والعمل والكسب، واستند علماء المذهب المالكي إلى هذا الاجتهاد، فكثير من فقهاء المالكية أفتوا بحق الزوجة في اقتسام ثروة زوجها التي اكتسبها خلال فترة زواجهما بقدر جهدها وسعايتها، ومنهم شيخ المالكية في عصره العلامة أبو العباس أحمد بن عرضون.
المغرب تطبق حق الكد والسعاية
وتطبق هذه الفتوى في المملكة المغربية، فالنساء هناك تكد وتقوم بمساعدة الزوج في كافة الأعمال لذلك كان القضاء المالكي وهو مذهبهم له رأى في تلك المسألة، حيث سئل العلامة أحمد بن عوضون المالكي عن نصيب المرأة بعد انقضاء الزوجية بالطلاق أو الوفاة، فأصدروا فتوة قال فيها، "لهن قسمة على التساوي بحسب الخدمة، لمن أهل فاس فيها خالفوا، وقالوا لهم في ذاك عرف يعرف، أي ما يقوله العرف".
ماذا تستفيد المرأة من تطبيق "حق الكد والسعاية"؟
هناك الكثير من السيدات أصبحن يخرجن للعمل ويساهمن في مصروفات المنزل مع أزواجهن، وحق الكد والسعاية يقضي بتحرير عقود يكتب فيها للزوجة ما تنفقه في الحياة الزوجية، لأن الكثير يشاركن أزواجهن في الحياة الزوجية من خلال عملهم، لذا كتابة نسبة مشاركة كل منهما في عقود يضمن للمرأة حقها الذي أنفقته، سواء تم الانفصال أو توفى الزوج، فهو يضمن لها كافة حقوقها حال حدوث أي شيء.
كيف يتم تطبيق حق "الكد والسعاية"؟
ويؤكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بالأزهر الشريف، أن حق الكد والسعاية يطبق عن طريق عقد المعاملات بين الزوج والزوجة في الفقه الإسلامي، فيكون بالاتفاق فيما بينهم، ولا يحتاج الأمر لقانون لأن بعض الزوجات تكد وتساهم في العمل والمصروفات الزوجية بالاحتساب، لذا يرى أن المسئول عن تطبيق هذه الفتوى هو الزوج والزوجة بالاتفاق بينهما.
ولكن المدير التنفيذي لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أسامة الحديدي، يرى أن الجهات التشريعية والمنوط بها مجلس النواب هي المعنية بإعادة العمل في الكد والسعاية، مؤكدا دور التشريع والمجالس العرفية في الترضية بين الزوجة والورثة.
حالة واحدة ممنوع فيها حق الكد والسعاية
يؤكد "كريمة" على ضرورة التفرقة بين حالتين في حق الكد والسعاية، فإذا كانت تشارك في الزراعة أو الصناعة أو التجارة بالعمل، فلا بأس في التطبيق لأنه حقها بمساهمتها في المصروفات والعمل، أما إذا كان حق السعاية نظير أعمالها المنزلية المتعارف عليها فهذا ممنوع، لأن الشريعة الإسلامية جعلت لها المهر والنفقة، والمعلوم أن السيدة فاطمة رضي الله عنها كانت تكد داخل المنزل احتسابا وزوجها الإمام علي يكد خارج المنزل للنفقة.
حقوق الزوجة في فتوى حق الكد والسعاية
ذكر الإمام الطيب أنه سمع عن بعض الوظائف والأعمال التي تقوم بها المرأة، ضاربًا مثالًا بزوجين يعملان في بيت واحد، فيقوم الزوج بحراسة البيت وتخدم زوجته السكان؛ وهو ما يعني أن "المال الذي يُكسب من هذا العمل يأتي بعرق الزوجة؛ فهي التي كونته رغم أن الزوج يعمل أيضًا"، كما قد تعمل امرأة في البيوت والزوج جالس في المقهى، وهو ما يرى أنه لا يمكن معه أن يقول بأخذه كل المال إذا طلّق زوجته.
ما أهمية تطبيق حق "الكد والسعاية"؟
إحياء فتوى حق الكد والسعاية من التراث الإسلامي يهدف لحفظ حقوق المرأة العاملة التي بذلت جهدا في تنمية ثروة زوجها، حيث تؤكد السفيرة ميرفت التلاوي رئيس مجلس المرأة السابق، أن هذه الدعوة مفيدة جدا للمرأة المصرية لحفظ حقوقها، وغاية في التقدم من شيخ الأزهر، لأن الكثير من السيدات أصبحن يخرجن للعمل ويساهمن في المنزل مع أزواجهن، لذا تحرير عقود يكتب فيها للزوجة ما تنفقه في الحياة الزوجية، يحفظ كافة حقوقها.
هل دعوة الطيب لتطبيق هذا الحق تعني أن المرأة مسلوبة بعض الحقوق حاليا؟
تجيب "التلاوي" على هذا السؤال بالتأكيد، على أن المرأة مسلوبة بعض الحقوق حاليا، لأن هناك بعض الزوجات التي تعمل وهي المسئولة عن المنزل ومهدور حقها بسبب المجتمع، فالزوجة دائما ما تساهم دون انتظار مقابل، فحاليا لا يوجد منزل مبني إلا بمشاركة الزوجين ليس الرجل فقط.
كما أن هناك حوالي 5 ملايين امرأة هي العائل الوحيد للبيت، ويكون الرجل إما مريضا أو مسافرا أو لديه مشاكل أخرى، أو أنه يرفض العمل ويعيش بمالها، والمقابل يكون الضرب والإهانة وحرمانها من مالها التي تكافح للحصول عليه فتكون مستعبدة، وإذا طلقت أو توفى الزوج لا تحصل على حقها في بناء هذا المنزل التي أقامته وهي المسئولة عنه، لذا حق الكد والسعاية يمنح الزوجة حقها كاملة.
ولتنفيذ هذه الدعوة يجب أن يكون هناك توعية وتغير الثقافة المجتمعية، والتشريع هو الجهة المنوط بها تنفيذ هذه الدعوة، لتحرير عقود تضمن حق المرأة العاملة في الحياة الزوجية، لتقاسم الزوجة ثروة الزوجة التي ساهمت في بنائها بعملها واجتهادها.